هجرة مستخدمي X (تويتر سابقًا): بحثًا عن ملاذ آمن في فضاءات بديلة

شهد موقع تويتر، الذي غيّر اسمه لاحقًا إلى إكس، تحولات جذرية منذ استحواذ إيلون ماسك عليه في أواخر عام 2022. هذه التحولات، التي تضمنت تغييرات في سياسات الإشراف على المحتوى، وإعادة هيكلة الشركة، وفرض قيود جديدة على المستخدمين، أدت إلى استياء واسع بين المستخدمين ودفع العديد منهم إلى البحث عن بدائل أخرى. من بين هذه البدائل، برزت منصات مثل بلوسكاي، وثريدز، وماستادون كوجهات جديدة للمستخدمين الباحثين عن بيئة تواصل أكثر اعتدالًا وأمانًا.

أحد أبرز أسباب هجرة المستخدمين من إكس هو تنامي خطاب الكراهية والتطرف على المنصة. فمنذ استحواذ ماسك، شهدت المنصة تخفيفًا للقيود على بعض أنواع المحتوى، مما أدى إلى انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية بشكل ملحوظ. هذا الأمر دفع العديد من المستخدمين، بمن فيهم شخصيات عامة ومنظمات، إلى مغادرة المنصة احتجاجًا على هذا الوضع.

كما ساهمت التغييرات الأخرى التي فرضها ماسك، مثل فرض رسوم على توثيق الحسابات وتقييد عدد التغريدات التي يُمكن للمستخدمين قراءتها، في زيادة حالة عدم الرضا بين المستخدمين. هذه التغييرات، التي اعتبرها البعض تعسفية وغير مُبررة، دفعت المزيد من المستخدمين إلى البحث عن بدائل تُقدم تجربة استخدام أفضل وأكثر عدالة.

من بين البدائل التي جذبت اهتمام المستخدمين، يبرز تطبيق ثريدز، الذي أطلقته شركة ميتا كمنصة تواصل نصية مُرتبطة بتطبيق إنستجرام. نظرًا لقاعدة مستخدمي إنستجرام الضخمة، تمكن ثريدز من جذب ملايين المستخدمين في وقت قصير، مما يُشكل تحديًا مباشرًا لإكس.

كما برزت منصة بلوسكاي، المدعومة من مؤسس تويتر جاك دورسي، كخيار آخر للمستخدمين الباحثين عن بديل. تتميز بلوسكاي بتركيزها على اللامركزية والتحكم المُشترك، مما يُتيح للمستخدمين قدرًا أكبر من التحكم في تجربتهم على المنصة.

أما منصة ماستادون، فهي منصة تواصل اجتماعي مفتوحة المصدر تعتمد على مفهوم "الفيديفرس".

مفهوم الفيديفرس:

الفيديفرس (Fediverse) هو شبكة اجتماعية لامركزية تتكون من خوادم مُستقلة مُتصلة ببعضها البعض. كل خادم يُعرف باسم "مثيل" (instance)، ويُمكن للمستخدمين اختيار الانضمام إلى أي مثيل يُناسب اهتماماتهم. يُمكن للمستخدمين على مثيلات مُختلفة التواصل والتفاعل مع بعضهم البعض، مما يُشكل شبكة اجتماعية مُتنوعة ومُتكاملة.

يتميز الفيديفرس بعدة خصائص، من بينها:
  • اللامركزية: لا يوجد كيان واحد يُسيطر على الشبكة، بل تُدار من قبل مُجتمعات مُستقلة.
  • التحكم المُشترك: يُمكن للمجتمعات المحلية وضع قواعدها الخاصة للإشراف على المحتوى.
  • الخصوصية: يُمكن للمستخدمين اختيار مثيلات تُركز على حماية الخصوصية.
  • المصدر المفتوح: يُمكن لأي شخص المساهمة في تطوير برمجيات الفيديفرس.

منصة ماستادون هي مثال بارز على منصات الفيديفرس، حيث تُتيح للمستخدمين الانضمام إلى مثيلات مُختلفة أو إنشاء مثيلات خاصة بهم. هذا يُوفر للمستخدمين قدرًا أكبر من التحكم في تجربتهم على المنصة ويُقلل من خطر الرقابة أو التحكم من قبل كيان واحد.

يُمكن القول إن هجرة المستخدمين من إكس تُشير إلى تحول مُهم في مشهد التواصل الاجتماعي. يبحث المستخدمون عن منصات تُوفر لهم بيئة أكثر أمانًا واعتدالًا، وتُمكنهم من التحكم في تجربتهم بشكل أكبر. منصات مثل ثريدز وبلوسكاي وماستادون، التي تعتمد على مفاهيم مثل اللامركزية والفيديفرس، تُقدم بدائل واعدة للمستخدمين الباحثين عن فضاءات تواصل جديدة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم